المولى عبد الحفيظ
من سلاطين الدولة العلوية في المغرب الأقصى. كان فقيها أديبا. ولد بفاس، و نشأ في قبيلة بني عامر (في الجنوب الغربي من مراكش) و توفي والده السلطان حسن (سنة 1894 م) و خلفه عبد العزيز بن حسن، فانتدب عبد الحفيظ (سنة 1904 م) خليفة له (عاملا) بمراكش، فنادى به الجنود و أهل القبائل الحوزية سلطانا فيها (سنة 1325 ه) و انقسمت الدولة بين عبد العزيز في فاس و أخيه عبد الحفيظ في مراكش. و كانت البلاد مستقلة، فاتخذ عبد العزيز من ممثلي الألمان أنصارا، و اتخذ عبد الحفيظ من الفرنسيين أولياء. و خلع عبد العزيز بفاس. و انتظم الأمر لعبد الحفيظ. فانتقل إلى العاصمة (فاس) و نشر من مؤلفاته «منظومة في مصطلح الحديث - ط» و «الجواهر اللوامع في نظم جمع الجوامع - ط» في الأصول، و «ياقوتة الحكام في مسائل القضاء و الأحكام - ط» و كلها أراجيز، و «العذب السلسبيل في حل ألفاظ خليل - ط» في فقه المالكية، و «كشف القناع عن اعتقاد طوائف الابتداع - ط» في الرد على بعض المتصوفة، و «نيل النجاح و الفلاح في علم ما به القرآن لاح - ط» و ثارت عليه قبائل «بني مطير» و «شراقة» متفقة مع القبائل النازلة بجوار فاس، و حاصرته. و قام أخ ثان له «المولى زين» بثورة في مكناس، فاستولى عليها، و ألف حكومة، و دعا إلى نفسه. فعمد عبد الحفيظ إلى أفظع الخطط و أسوأها، فطلب عون الحكومة الفرنسية، و سرعان ما أجابت (قال ابن جلول: و من سخرية الأقدار أن تستدعى الجيوش الفرنسية، بواسطة ملك، كان قبل ثلاث سنوات فقط رمزا للتحرير القومي) فقضت على الثورتين، و جاءته بأخيه «زين» فعفا عنه، و أعلنت «حمايتها» للمغرب بعد أن أمضى عبد الحفيظ «معاهدة 30 مارس 1912» المعروفة بمعاهدة الحماية. ثم ما عتم أن نزل - أو أنزل - عن العرش في 13 أغسطس من السنة نفسها (1330 ه) و يقول بعض مؤرخي أيامه من الفرنسيين: إنه «كان عدوا لدودا لمعاهدة الحماية، و حاربها طويلا، و وضع أمامها العقبات، و انتهى ما كان بينه و بين المقيم العام الفرنسي ليوطي (Lyautey) من مناقشات، بإعلان استقالته، و تولي أخيه يوسف» و رحل على طراد فرنسي إلى مرسيلية، و منها ذهب إلى فيشي، ففرساي، و عاد إلى طنجة. و حج سنة 1913 م. و لما نشبت حرب 1914 استقر في إسبانية إلى سنة 1925 و قد حرمت عليه فرنسة العودة إلى بلاده. و أذنت له بالسفر إلى «أنجانلوبان » على أن يبتعد عن أي عمل سياسي، فانتقل إليها و أقام يتسلى بالصيد. و شرع في تأليف كتاب عن «الإسلام» و مات في معتزله هذا، فحمل إلى المغرب و دفن بفاس. و يقول مؤرخوه: إنه أول من نظم في المغرب جيشا على الأسلوب الأوربي الحديث، و أول ملك في الدولة «العلوية» حمل وساما أجنبيا [١].
تذييل
- ↑ الدرر الفاخرة 117 و دروس التاريخ المغربي 5: 266 و 256 و في الصفحة 261 نص المعاهدة. و كتاب هذه مراكش، لعبد المجيد بن جلول 69 و موقف الأمة المغربية 148 نقلا عن أوغستان برنار Augustin Bernard من كتابه، المغرب» 90 و 363 و لويس بارطو Louis Barthou من كتابه «ليوطي و المغرب» ص 47-46 و الخزانة التيمورية 191:3.
مصادر
زرکلی، خير الدين، الأعلام، ج3، ص277، لبنان - بيروت، دار العلم للملايين، 1989م