السيد محمود الطالقاني

من ويکي‌نور
السيد محمود الطالقاني
NUR02947.jpg
رقم المؤلفAUTHORCODE02947AUTHORCODE

السيد محمود الطالقاني (1238-1399 هـ)، المعروف بأبي ذرّ هذا العصر، هو عالم شيعي وخطيب ومفسر قرآني وكاتب ومجاهد إيراني معاصر.

أسرته

أسرة الطالقاني هي إحدى أُسَر السادات الشهيرة في منطقة طالقان. ويعود نسبه إلى السيد علاء الدين، وهو من نسل الإمام محمد الباقر (ع). جده المرحوم السيد آغا محمود الطالقاني، أحد رجال الدين المشهورين في طالقان، ولكن لا تتوفر عنه الكثير من المعلومات. ويقع قبره في مقبرة قرية جليرد.

كان للمرحوم السيد آغا (جد السيد الطالقاني) ولدان وست بنات، أكبرهم هو السيد أبو الحسن، والد السيد الطالقاني. ولد السيد أبو الحسن عام 1278 هـ في قرية جيليرد التابعة لمدينة طالقان. وبعد أن أكمل دراسته الابتدائية حتى فترة "السطوح" في طالقان وقزوين وأصفهان، غادر إلى العراق لمواصلة دراسته وتتلمذ لمدة عشر سنوات على فريد عصره الميرزا حسن الشيرازي وسبع سنوات في كربلاء على السيد اسماعيل الصدر. وخلال إقامته في النجف تعلم مهنة صناعة الساعات وحتى نهاية عمره كان يعيش على ممارسة هذه المهنة. بعد عودته إلى إيران، بدأ بالتدريس في مدرسة مروي بطهران. كان المرحوم آية الله أبو الحسن الطالقاني يعيش في غرفة متواضعة في حي قناة آباد بطهران، وسياسياً كان صديقاً ورفيقاً للفقيه والسياسي الراحل السيد حسن المدرّس، وكانت له مشاركة فاعلة في الجلسات التي كان يعقدها السيد المدرّس[١].

توفي في 17 شعبان 1350 (الموافق 28 ديسمبر 1931) في طهران. وشُيّع جثمانه تشييعاً مهيباً في مرقد السيد عبد العظيم الحسني، ومن هناك وحسب وصيته نقل إلى النجف الأشرف ودفن في وادي السلام[٢].

قال الإمام الخميني (ره) في رسالة التعزية: «رحم الله والده الكريم الذي كان على رأس المتقين»[٣].

لقد ترك السيد أبو الحسن الطالقاني بعض الرسائل الصغيرة، منها: كيمياء الوجود، مقالة الإثنی عشرية، السياسة الحسينية، محاكمة الحجاب وتقرير دروس المرحوم الشيخ محمد حسين الأصفهاني[٤].

ولادته

ولد السيد محمود الطالقاني في يوم السبت 4 ربيع الأول 1329هـ، (الموافق 4 أبريل 1911)، بقرية جليرد التابعة لطالقان، من الزوجة الثانية للسيد أبي الحسن[٥].

دراسته

أُرسل إلى الكُتّاب وهو في الخامسة من عمره، وقضى عامين في قرية جليرد يدرس القرآن ويتعلم الخط والكتابة. درس القرآن في السنة الأولى على يد المولی السيد تقي أورازاني، وقضى السنة الثانية في القراءة والكتابة على يد الشيخ الكربلائي علي وركشي، كما درس كتاب "الفأرة والقط" المنظوم لعُبيد زاكاني الذي كانت دراسته شائعة في تلك المدارس إلى جانب كتب مثل "جلستان" للسعدي الشيرازي، و"الكليلة والدمنة" وغيرها.

ذهب السيد محمود إلى طهران في السنة السابعة من عمره وتابع دراسته الابتدائية في مدرسة المولی رضا الواقعة في ساحة أمين السلطان وتعلم علمي الصرف والنحو حتى سن العاشرة. وبتوجيه من والده غادر إلى قم وواصل دراساته في المدرسة الرضوية، وبعد فترة دخل المدرسة الفيضية[٦].

أساتذته في قم

وفي قم درس «الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية» عند آية الله السيد شهاب الدين المرعشي النجفي، كما درس كتاب «المطوّل» للتفتازاني عند الأستاذ أديب الطهراني وفي فترة قصيرة عند آية الله السيد محمد حجت. وكان يتردد كثيراً على الشيخ محمد تقي إشراقي والميرزا خليل كمرئي، اللذين كانا يعتبران من العلماء المتنورين في ذلك الوقت بسبب تدريس الفلسفة والحكمة. كما درس على يد الميرزا خليل كمرئي وأكمل "المنظومة" [في الحكمة] للحكيم السبزواري. كما كان يعقد جلسة مباحثة وتفسير مع الشيخ محمد تقي إشراقي كل يوم خميس في غرفته، وكان يحضرها عدد كبير من الطلاب والعلماء[٧].

أساتذته في النجف الأشرف

وبعد فترة ذهب إلى النجف الأشرف وتلقى دروسه على يد الشيخ محمد حسين الأصفهاني وآغا ضياء الدين العراقي. ثم عاد إلى قم، وبعد أن أنهى دراسته وحصل على الإجازة العلمية والروائية من أساتذته استقر في طهران حوالي عام 1358 ه.

نشاطه العلمي والتبليغي

شاهد السيد الطالقاني في عهد طفولته وشبابه كثب طغيان رضا شاه [أول ملوك السلالة البهلوية]، وخاصة المواجهة السافرة لأصل الدين ورجال الدين، وقد شكل هذا الوضع ضغطا كبيرا عليه لدرجة أنه، وحسب قوله، سبب له العديد من الآلام والأمراض التي بقيت معه حتى نهاية حياته. وكان همه في تلك الأوضاع أكثر من أي شيء آخر، هو الغور في آيات القرآن الكريم وكتاب نهج البلاغة وسيرة النبي الأكرم (ص) والأئمة (ع)، وتدريجيا أدرك الهدف من حيث الواجب الاجتماعي. يعتقد السيد الطالقاني أن الأعداء يحاولون فصل القرآن عن حياة المسلمين، ويبدو أن المؤمنين أيضًا قد اعتادوا على العيش من دون القرآن! وتوصل تدريجيًا إلى أنه يجب أن تؤخذ المعرفة الدينية بعد القرآن من نهج البلاغة، وأن لهذا الكتاب دورًا كبيرًا جدًا في فتح الطريق والعثور علی حلول للقضايا الدينية والاجتماعية.

ولذلك بدأ بترجمة كتاب نهج البلاغة وقام بالتعاون مع أستاذه آية الله الميرزا خليل كمرئي بإعداد مشروع لتفسير وترجمة نهج البلاغة بصورة موضوعية، وقد وظّف كل طاقته في إحياء الاهتمام بالقرآن الكريم ونهج البلاغة في حياة المسلمين. بادر السيد الطالقاني منذ عام 1358 ه وبدعوة مجموعة من الشباب إلى عقد جلسات تفسيرية سرية ومتنقلة بين المنازل والمساجد والمدارس غير المشهورة. وفي نفس العام زُجّ إلى السجن لعدة أيام على أثر مشاجرة له مع أزلام رضا شاه.

جهاده السياسي

بعد شهر رجب عام 1360 هـ، أسس السيد الطالقاني مركزاً إسلامياً وقام فيه بتفسير القرآن الكريم. وكان دأبه في هذا المركز نشر معارف القرآن والسنة من خلال المحاضرات وإصدار مجلة طلابية. علماً بأن المجلة مُنعت من الصدور بعد أحد عشر عدداً. هذا وقد شارك في هذه الجلسات أناس من أمثال مهدي بازركان والسيد مجتبى نواب صفوي.

كان السيد الطالقاني من المحاضرين الفاعلين والمتعاونين مع الجمعية الإسلامية للكلية التقنية بجامعة طهران، والجمعية الإسلامية للهندسة، والجمعية الإسلامية للدين والمعرفة، ومعهد إعداد المعلمين، ومنظمة جمعية الفدائيين للإسلام، والرابطة الإسلامية. وفي هذه الجمعيات والمنظمات، وبالإضافة إلى نشر وشرح المعارف الدينية، كان يواجه التيار المتزايد للماركسية والمادية.

أثار إعلان الجمهورية من قبل الفرقة الديمقراطية في محافظة أذربايجان [الإيرانية] قلق الكثير من الناس بشأن تدخل الأجانب وسيطرة أتباع الماركسية في إيران. في هذا الخضم أرسلت الرابطة الإسلامية، التي أسسها مجموعة من رجال الدين في طهران لمقارعة الإلحاد، أرسلت السيد الطالقاني الذي كان يتحدث في الإذاعة ضد الشيوعيين آنذاك، كممثل لها في الجيش إلى أذربايجان كي يحث الجنود ويراقب العمل عن كثب ويقدم تقريرا في ذلك.

وفي عامي 1367 و1368 هـ (1948 و1949)، وبدلًا من الاجتماعات المتنقلة، ركز السيد الطالقاني أنشطته في مسجد الهداية في شارع إسطنبول (حالياً شارع الجمهورية الإسلامية)، الذي كان يومذاك رمزًا للحداثوية البعيدة عن الثقافة الدينية. وسرعان ما جذبت جلسات تفسير القرآن الكريم في ليالي الجمعة اهتمام طلاب الجامعات والشباب والمتدينين، وأصبح هذا المسجد من أهم قواعد نشر الثقافة الإسلامية والجهادية.

مع بداية حركة تأميم صناعة النفط الإيرانية، التحق السيد الطالقاني بهذه الحركة. وكان آنذاك مرشحاً للدخول إلى البرلمان السابع عشر كممثل عن أهالي مدينة تشالوس، ولكنه لم يدخل البرلمان بسبب إلغاء الانتخابات في تلك المنطقة. وبطلب منه أيضًا، أصدر آية الله السيد محمد تقي الخوانساري فتوى مؤيداً فيها تأميم صناعة النفط. بعد انقلاب (19 أغسطس 1953)، اتخذت جلساته تفسير القرآن ومحاضراته طابعاً سياسيًا بالتدريج، حتى تعاون مع حركة المقاومة الوطنية، وحثّ الناشطين المسلمين على الوقوف بوجه الطغيان والحكومة الملكية العميلة من خلال تحقيقه كتاب «تنبيه الأمة وتنزيه الملة» لآية الله الشيخ محمد حسین النائيني ونشره مع مقدمة وهوامش توضيحيه.

كان السيد الطالقاني من أتباع جمعية الفدائيين للإسلام، وكان على علاقة وثيقة بالسيد مجتبی نواب صفوي [وهو الأمين العام للجمعية]، وكان يؤيد مواقفه ومبادراته. وكان يعتبر جمعية الفدائيين للإسلام من الشباب المؤمنين الثوريين الذين أزالوا العوائق أمام تأميم صناعة النفط، وعندما تعرضوا لملاحقة النظام الملكي آواهم في منزله، وبسبب ذلك تم القبض عليه واعتقاله لعدة أيام. كما نشرت جمعية الفدائيين للإسلام كتاب الإسلام والملكية للسيد الطالقاني في منشورهم باسم "نبرد ملت" (جهاد الشعب). والكتاب هذا هو من أوائل الجهود التي بذلها هذا العالم الشيعي لتحديد نظام اقتصادي مقبول من وجهة نظر الإسلام وتمييزه عن الرأسمالية والاشتراكية مع بعض الانتقادات لهذين النظامين.

في خمسينيات القرن الماضي سافر السيد الطالقاني إلى الدول الإسلامية كالأردن ومصر وشارك في عدة مؤتمرات، وتعرّف عن كثب على أهم قضايا البلدان الإسلامية، بما في ذلك احتلال فلسطين وجرائم الصهاينة وتأسيس نظام إسرائيل المعتدي، وكذلك فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية، وقام بإنارة الأفكار في موضوع الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في الوقت الذي اعترفت فيه حكومة إيران آنذاك بالنظام الصهيوني رسمياً.

بعد تشكيل الجبهة الوطنية الثانية عام (1960 م)، تم انتخاب السيد الطالقاني كأحد أعضاء المجلس المركزي، ولكن بسبب الخلافات مع بعض قيادات الجبهة في القضايا الإسلامية والدينية، أسس مع مهدي بازركان ويد الله سحابي "حركة الحرية الإيرانية". ولكنه رغم ذلك استمر في التعاون مع الجبهة. وفي 19 جولاي 1961 اعتقل لفترة قصيرة بسبب إقامة مراسم تأبين لقتلى ثورة 21 جولاي 1952. وبعد احتجاجات العلماء ورجال الدين على محتويات الأنظمة التي أقرتها حكومة أسد الله عَلَم [رئيس الوزراء آنذاك] بشأن جمعية الولايات في خريف عام 1962، حاول إقامة صلة بين المراجع والعلماء وأعضاء حركة الحرية.

في جنوري 1963 وخلال استفتاء الثورة البيضاء، تم اعتقال السيد الطالقاني وسجنه لبضعة أشهر مع قادة الجبهة الوطنية وحركة الحرية الإيرانية. وفي أيام محرم 1383 هـ ألقى خطابات عديدة في مسجد الهداية يفضح فيها طبيعة نظام الشاه والصهاينة والثورة البيضاء. ولهذا السبب، وبعد حادثة 12 محرم 1383 هـ (5 يونيو 1963)، تم اعتقاله وبعد محاكمة طويلة في محكمة عسكرية، حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات. وكانت شجاعته وصراحته وحريته وإيمانه مؤثرة للغاية في تلك المحكمة، حيث أعلن في الجلسة الأولى أن هذه المحكمة غير قانونية، وفي الجلسة الأخيرة خاطب الجمهور وتلى آيات من سورة الفجر. كما كان يحاضر في السجن ويلقي دروساً في تفسير القرآن الكريم، بل وكان يقيم صلاة العيد في عيد الفطر. وقد ترك حسن سلوكه كرجل دين بين السجناء آثاره وثماره. تم إطلاق سراح السيد الطالقاني أخيرًا في شهر رجب 1387 هـ (أكتوبر 1967)، بعد ضغوط مارسها الإيرانيون في الخارج وضغوط من المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان والإجراءات في داخل البلد.

كانت للسيد الطالقاني خلال الأعوام من 1387 إلى 1391 (1967 – 1971) نشاطاته في مجالات مختلفة؛ منها خطابه في يوم عيد الفطر في دعم الشعب الفلسطيني وطلبه بإيداع أموال زكاة الفطرة للشعب الفلسطيني. كما كانت مواقفه في الحركة التحررية مماثلة لمواقف شبابها المتحمس. فمثلا دعمه للمناضلين اليساريين أو دعمه لجمال عبد الناصر كان على خلاف من يعتبر حكومة عبد الناصر عسكرية ومناهضة للحرية والديمقراطية.

ربما كان تفسير السيد الطالقاني للقرآن الكريم هو الأساس لتشكيل المواجهة المسلحة بين القوى الإسلامية. وبعد ظهور التنظيمات الإسلامية المسلحة، قدم لها الدعم الفكري والمالي. وكان مؤسسو "سازمان مجاهدين خلق إيران" (منظمة مجاهدي الشعب الإيرانية) قد تعرفوا عليه من خلال مطالعة دروسه التفسيرية. وفي الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أنه بعد خروجه من السجن وقبيل انتصار الثورة الإسلامية أكد في جلساته التفسيرية على ضرورة ترسيخ الأسس الاعتقادية قبل العمل السياسي.

وفي خريف عام 1971، تم اعتقاله مرة أخرى وحُكم عليه بالنفي إلى مدينة زابل [جنوب شرقي إيران] لمدة ثلاث سنوات، ولكن بإصرار القضاة المستقلين، تم تغيير حكمه لمدة عام ونصف في مدينة كرمان. عاد إلى طهران في الشهر الخامس 1973، وبعد إطلاق سراحه واصل علاقته بالتنظيمات المسلحة السرية. وعلى أثر ذلك اعتقل مرة أخرى في نوفمبر 1975 وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات. وفي السجن، وعلى الرغم من دعمه السابق لمجاهدي الشعب، بعد أن ظهر ميل قياداتهم إلى الماركسية وحتى ارتداد بعضهم، أصدر بيانا في 28 مارس 1976 مع عدد من رجال الدين البارزين المسجونين، يدين فيه أعضاء هذا التنظيم وخروجهم عن الإسلام.

إن الأحداث التي وقعت واحدة تلو الأخرى في سنة 1977، بعد أن أهان النظام البهلوي الإمام الخميني من خلال نشر مقال في صحيفة "اطلاعات"، مهدت الطريق لاندلاع ثورة عامة. ولذلك أطلق محمد رضا بهلوي سراح جميع السجناء السياسيين في 30 أكتوبر 1978 للحليولة دون انطلاق هذه الحركة الثورية. كما وأُطلق سراح السيد الطالقاني أيضاً بعد أن كان في مستوصف سجن القصر لمرضه، وسط استقبال حاشد من أهالي طهران. وبعد التحرير مباشرة، عُرف كأحد قادة الثورة وأصبح منزله في حي "بيج شميران" مكتباً يرجع إليه الناس والثوار، وتبدّل حتى وصول الإمام الخميني إلى طهران، إلى أحد المراكز الرئيسية لتقدّم مسيرة الثورة والحركات الشعبية، بعيداً عن اتجاهات وآراء الأفراد السياسية. ومن أنشطة هذا المكتب تنظيم الاعتصامات والإضرابات وحلّ المشاكل الناجمة عن نقص الوقود والطاقة. إلا أن مكتبه أصبح تدريجيا مكانا للمجاهدين (منظمة مجاهدي الشعب الإيرانية) والجماعات اليسارية وحتى بعض النفعيين.

وبعد مدة قصيرة من إطلاق سراحه، حاول السيد الطالقاني تشكيل مجلس من القيادات والجماعات السياسية. وبعد فترة من تشكيل النواة الأولى لمجلس الثورة في باريس، وفي شهر جنوري 1977، تم انتخابه رئيساً لمجلس الثورة بدعوة من الإمام الخميني؛ إلا أن وجوده في مجلس الثورة كان مستقلاً وبعيداً عن الانتماء الحزبي.

في هذه المرحلة، عمد السيد الطالقاني إلى إصدار بيانات وإجراء مقابلات وإلقاء خطابات عديدة لصدّ العنف والتطرف والأعمال الانتقامية. كما طلب من الإمام الخميني عندما كان في قرية نوفل لوشاتو الفرنسية، أن يعلن عفواً عاماً عند دخوله طهران، تأسياً بالنبي (صلی الله عليه وآله) في فتح مكة. وفي مسيرة يوم تاسوعاء عام 1399 هـ المصادف 10 ديسمبر 1978، والتي جرت بدعوة من رجال الدين المناضلين، دعا السيد الطالقاني الناس أيضًا إلى المسيرة ورافقهم. ومن مماسارته الأخرى قبيل انتصار الثورة الإسلامية اعتصامه مع رجال الدين في مسجد جامعة طهران، احتجاجاً على قيام حكومة شابور بختيار [رئیس الوزراء آنذاك] بإغلاق مطار مهرباد الدولي في طهران لمنع الإمام الخميني من دخول إيران.

كانت للسيد الطالقاني وجهات نظر مختلفة عن رجال الدين الثوريين الآخرين حول بعض القضايا. ومنها أنه لم يكن يرى أن بازركان كان صالحاً لرئاسة الوزراء رغم صلته الوثيقة به، لقلقه من عواقبها. كما كان يدعم أعضاء مجاهدي الشعب الذين لم يقبلوا التغيير في أيديولوجية المنظمة.

بعد الثورة الإسلامية

لقد كان السيد الطالقاني بعد انتصار الثورة الإسلامية يعتبر شخصية مهمة ومؤثرة في داخل البلد وخارجه، وكان ممن يرجع إليه قادة الحركات التحررية والثورية. وأدى ذلك، إلى جانب ضغوط أنصاره في بعض الأحيان، إلى التدخل في شؤون الحكومة المؤقتة. وفي شهر مارس 1979، توجه من قِبَل الحكومة المؤقتة على رأس وفد رفيع المستوى إلى محافظة كردستان التي تعرضت للاضطرابات، وتحدث مع الزعامات والشخصيات البارزة في المنطقة. وبعد ذلك تم الاتفاق على تشكيل مجلس شعبي ساعد في تهدئة الأوضاع المتوترة في تلك المنطقة. كما اقترح تشكيل مجالس محلية وأرسل ممثلين إلى كنبد وسيستان وبلوشستان وغيرها من المناطق المضطربة.

في 13 أبريل 1979، أثارت قصة اعتقال ولديه أبو الحسن ومجتبي وزوجة مجتبي الفلسطينية من قبل اللجان الثورية استياء الطالقاني، واحتج على ما أسماه تعسف بعض المؤسسات الثورية معتبراً ذلك حرماناً للناس من حريتهم، فأغلق مكاتبه وتوجه إلى مكان مجهول لبضعة أيام. وانتهت هذه القضية بالتدخل الرسمي للإمام الخميني واللقاء به في مدینة قم، ومن ثم كلمة السيد الطالقاني التنويرية في المدرسة الفيضية.

بعد نشوب خلافات حول كيفية إعداد مسودة الدستور والتصويت عليه، تقرر بناء على اقتراح السيد الطالقاني أن تقوم لجنة تتكون من بعض الخبراء بدراسة الدستور وعرض نتيجة دراستهم للاستفتاء. وبعد ذلك فاز هو بالصوت الأول لأهالي محافظة طهران في انتخاب مجلس الخبراء الدستوري الذي انعقد لتحديد ممثلي كل محافظة، ولكن لأسباب أهمها وفاته في الأيام الأولى من تشكيل مجلس الخبراء، لم يكن له أي دور فيه عملياً.

لقد كانت نظرية الشورى أهم ما في فكر السيد الطالقاني الاجتماعي والسياسي، والتي بيّنها استنادا إلى آيات القرآن وسنة المعصومين، وتقديم نموذج لسيادة الشعب الدينية، وإقامة حكومة مطلوبة في إطار السنن والتعاليم الدينية ووفقاً للمعايير الثقافية للمجتمع الإيراني، ودافع عنها كنموذج للمشاركة والسيادة الشعبية.

بعد مدة قصيرة من انتصار الثورة الإسلامية في إيران، اقترح السيد الطالقاني على الإمام الخميني إحياء صلاة الجمعة، الذي كان يقيمها سابقًا في السجن. وقد عينه الإمام الخميني (ره) أول إمام جمعة في الجمهورية الإسلامية. ولقد أقيمت صلاة الجمعة الأولى في جامعة طهران في 15 جمادی الأولی 1399 (الموافق 13 أبريل 1979) بحضور مئات الآلاف من الناس. كما أم السيد الطالقاني صلاة عيد الفطر الأول بعد انتصار الثورة الإسلامية في عام 1399 هـ (الموافق 25 أغسطس 1979) في جامعة طهران وأدلى بتصريحات مهمة فيما يتعلق بقضايا العصر وانتقد الاضطرابات وأعمال الشغب التي قام بها المعارضون والتيارات المتطرفة، مؤكداً على قيادة الامام الخميني (ره).

آخر صلاة جمعة للسيد الطالقاني كانت في يوم 14 شوال عام 1399 (المصادف 7 سبتمبر 1979) في مقبرة بهشت زهرا (جنّة الزهراء). وفي خطبة ذلك اليوم طلب من أعضاء مجلس مراجعة الدستور التصويت على المجالس المحلية لإيكال أمور الناس إلى أنفسهم[٨].

مرافقة الإمام الخميني رحمه الله

يعود تأريخ معرفة السيد الطالقاني (ره) بالإمام الخميني (قده) إلى سنوات الدراسة في حوزة قم العلمية. يقول السيد الطالقاني عن ذلك:

"لقد كنت مع سماحته عن قرب منذ أن كنت طالبًا، وأفكاره وآراؤه وحسن سلوكه واضحة للجميع. لقد كانت لسماحة آية الله العظمي الخميني قداسة خاصة وكان سماحته ولايزال متميزاً في كل أمر."

منذ بداية دراسة السيد الطالقاني في الحوزة العلمية وحتى انتصار الثورة الإسلامية وإلى حين وفاته، كان هذا العالم البصير والشجاع والمجاهد دوماً في خط الإسلام الأصيل وخط القيام ضد الطغيان والاستعمار وإقامة العدالة، ملازماً وناصراً للإمام الخميني وفي الخط الأول لحركة الشعب الإيراني الجهادية، وكان موقفه واضحاً وبيّناً تجاه الإمام الخميني (ره). في بداية عام 1971، وبعد وفاة آية الله العظمی السيد الحكيم في النجف الأشرف، حيث أثيرت قضية المرجعية الدينية للشيعة وبدأت تحركات من قبل عدد من رجال الدين والسياسة وعامة الناس، وأرسل النظام الملكي برقية إلى عدد من العلماء والمراجع في قم لإبراز أحدهم أمام الإمام الخميني (ره)، قام السيد الطالقاني مع مجموعة من رجال الدين بإلقاء المحاضرات وتوزيع البيانات مؤكدين لا على مرجعية الإمام الخميني وحسب بل على قيادته أيضاً، مما أدى إلى زجّه في السجن. حين سئل السيد الطالقاني بعد وفاة آية الله العظمی السيد الحكيم عن الأعلم، قال: "إذا سألتم عن المرجعية والفقاهة، فكل هؤلاء هم من العلماء الإمامية في الفقه والاجتهاد، ولكن إذا كان سؤالكم عن القيادة والزعامة والشهامة والاهتمام بقضايا العصر، فإنه لا يصل أي واحد منهم إلى السيد الحاج روح الله [الخميني]".

لقد كان هذا الرجل المصلح والمجاهد على ارتباط دائم بالإمام الخميني (قدس سره) للقضاء على العدو المشترك والوصول إلی الهدف المشترك. يقول الشهيد آية الله الدكتور بهشتي في هذا الصدد:

«منذ أن قدّم قائد الثورة العظيم الإمام الخميني مسيرة الثورة الجديدة وأعطى الثورة اتجاهاً وروحاً جديدين، كانت هناك لقاءات وعلاقات بين آية الله السيد الطالقاني والإمام الخميني، ولقد شاهدت بنفسي ولمرات عديدة اللقاءات والعلاقات فيما بينهما».

خلال فترة نفي الإمام الخميني الطويلة إلى العراق ومن ثم إلى فرنسا، لم يتمكن سجن الطالقاني ونفيه وخضوعه لمراقبة مشددة داخل البلد وضغوط السافاك وضباط الأمن، لم تتمكن من قطع علاقته بقيادة الحركة. وإن الرسالة التالية التي كتبها الإمام الخميني (ره) عام 1395 هـ (1975) رداً على رسالة حجة الإسلام والمسلمين الحاج الشيخ محمد كياني نجاد، تبين العلاقة الودية والسرية بين هذين المجاهدين العظيمين في تلك السنوات التي وصل فيه ظلم وكبت النظام المكي إلی ذروته:

"سماحة عماد الإسلام الحاج الشيخ محمد كياني نجاد دامت إفاضاته

استلمت رسالتكم الشريفة من مكة. وأرجو أن تكون الأعمال والمناسك الشريفة مرضية لدى الأولياء العظام ومقبولة عند الله سبحانه، ودمتم موفقين في الإرشاد والهداية. الذهاب إلى مكة [لمناسك الحج] في السنوات القادمة مع الحالة المذكورة لا إشكال فيها. وأما بالنسبة للوجوهات التي تعطى لحجة الإسلام السيد الطالقاني لتوزيعها، فمن الحري استشارته والقيام بما يراه مناسباً. ولا مانع من إرسال الوجوهات إلى سماحته. أسألكم الدعاء."

كما يتبين من النص المختصر لهذه الرسالة، فإن أهمية الأمر لا يقتصر على الإجازة في المسائل الفقهية، وإنما يشمل الموافقة والمشاطرة في الرأي في المسيرة الجهادية، حيث يجيز الإمام الخميني (ره) له استلام الوجوهات الشرعية واستعمالها. وتعود أهمية هذه الرسالة إلى أن بعض العلماء ورجال الدين غير الواعين آنذاك كانوا يخطّئون السيد الطالقاني في تقديم المساعدات المالية والفكرية لبعض الجماعات الدينية المناهضة للنظام ويعتبرون أن تقديم أي مساعدة لهم أمراً محرماً، كما قام أزلام النظام ببث إشاعات واسعة ضدّه. يعتقد السيد الطالقاني بأن أي حكومة يتم تشكيلها في إيران يجب أن تكون في إطار جهاد الشعب الإيراني بقيادة الإمام الخميني (ره).

وفي قضية اعتقال أبناء السيد الطالقاني والتي أدت إلى إغلاق مكاتبه في طهران، بعد أن التقى به السيد أحمد الخميني [نجل الإمام الخميني] وأطلعه على قلق الإمام (ره) باستغلال الأجانب والمنحرفين لهذه القضية في إيجاد الفرقة والانقسام، أمر السيد الطالقاني على الفور بفتح مكاتبه، وخلال عودته إلى طهران أكد في بيان له على قيادة الإمام الخميني قائلاً: «لم نقبل نحن بقيادة آية الله الخميني وحسب بل قبل العالم بها أجمع».

في أكتوبر 1978، حيث كانت الثورة الإسلامية تمر في ظروف حرجة وحساسة، أطلق أزلام نظام الشاه والسافاك سراح السيد الطالقاني من السجن لإبرازه في مقابل الإمام الخميني وحرف الثورة عن مسارها الرئيسي، بيد أن السيد الطالقاني الذي علم بهذه المؤامرة، أصدر بياناً أكد فيه دعمه للثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني، وبالتالي إلى تعزيز حركة الجماهير وإحباط مؤامرة السافاك.

وفي خطابه الذي ألقاه بتاريخ 21 جولاي 1979 في طهران، عبّر السيد الطالقاني عن موقفه تجاه الإمام الخميني (ره) حيث قال:

"إن قيادة القائد وشخصيته حاسمة للغاية ويتمتع بإيمان وصدق لدرجة أنه نادراً ما تجد قائداً كآية الله الخميني. ومخطئ من يشتكي أنه ليس لدينا طريق كما نسمع من بعض الجماعات. فهناك أذن تستمع إلى الكلام كما كان في عصر النبي (ص) ثم تأمر بما هو صحيح ويمكن تطبيقه. أحياناً عندما أسافر إلى قم لمجرد قضية سياسية، تثير الصحف جدلاً وتتصدر عناوين الأخبار. نعم، إنه تبادل للآراء. كلما شعرت باليأس، أرى الإصرار والثقة والإخلاص من هذه القيادة. وإذا لم نعرف قدر هذه النعمة، فإن الله سيعذبنا بسبب كفران النعمة ".

ولذلك فإن مواقف السيد الطالقاني ومقابلاته والوثائق التي تركها وراءه، كلها تظهر دعمه ومساندته لقيادة الثورة الإسلامية. كما أن الإمام الخميني قد أبدى موقفه ورأيه بشأن السيد الطالقاني في مناسبات مختلفة، وهو أمر فريد من نوعه. وفي كلمته بعد وفاة السيد الطالقاني في المدرسة الفيضية، خاطب الإمام الناس قائلاً:

"لقد فقدنا أخاً، وفقد شعبنا أباً، وفقد الإسلام مجاهداً".

وخلال لقائه مع عائلة السيد الطالقاني، قال أيضًا:

"كان المرحوم السيد الطالقاني مستقيماً. فكر بشكل مستقيم وعمل بشكل مستقيم، ولم ينحرف يميناً أو يساراً. لم يكن غربياً ولا شرقياً بل كان إسلامياً، اتبع تعاليم الإسلام، وكان نافعا للشهب، وكان رحيله خسارة"[٩].

وفاته

توفي آية الله السيد الطالقاني مساء يوم 17 شوال [1399 هـ]. ودفن بجوار مقابر شهداء الثورة الإسلامية في مقبرة بهشت زهرا (جنة الزهراء) بعد تشييع جماهيري كبير. وفي رسالة التعزية اعتبره الإمام الخميني (ره) بمنزلة الصحابي الجليل أبي ذرّ الغفاري للإسلام وأكد أن لسانه البليغ كان كسيف مالك الأشتر النخعي[١٠].

آثاره ومؤلفاته

تعتبر آثار السيد الطالقاني مجموعة متنوعة وقيمة، من تأليف وتفسير وترجمة ومقالات وخطابات، كتبت في أصعب الظروف من حيث الزمان والمكان، وفي السفر والحضر، وفي المنفى والسجن، ألفها بجهد جهيد. وإليكم بعض آثاره:

1. پَرتُوى از قرآن (شعاع من نور القرآن): هذا التفسير والذي يعتبر أهم آثار السيد الطالقاني، كتب خلال ستة عشر عامًا تقريبا منذ سنة 1382 وإلی 1399 ه، في أحلك ظروف؛ في المسجد أو السجن أو المنفى. ويرى العديد من الباحثين الإسلاميين أن هذا التفسير الناقص وصغير الحجم والغنيّ في الوقت ذاته، أحدث تحوّلاً في معرفة القرآن وحركةً لدى جيل الشباب المتعلم، وحظي باهتمام كبير في المجالات الدينية والعلمية والتفسيرية. وهذا التفسير الذي يمثل فكر السيد الطالقاني، أهم رسالته هو أن القرآن كتاب هداية، وليس كتاب تحليل علمي وفلسفي وقانوني ونحو ذلك. وقد أدى هذا الأثر إلى أن يُذكر السيد الطالقاني كأحد رواد حركة العودة إلى القرآن الكريم في إيران. والحقيقة إنه تأثر في هذا التفسير بحركة الأكابر والمصلحين من أمثال الشيخ محمد عبده ورشيد رضا (من تلامذة السيد جمال الدين الأسدآبادي) ومؤسسي حركة العودة إلى القرآن. إنّ هذا التفسير الذي يعد موسوعة دينية علمية عرفانية تأريخية واجتماعية بأسلوب جديد، قد تم نشره وطباعته في ستة أجزاء.

يقول حجة الإسلام، السيد محمود دعائي، أحد المقربين من بيت الإمام الخميني (ره)، عن أهمية هذا التفسير:

«في النجف الأشرف، قدّمتُ كتاب "شعاع من نور القرآن الكريم" إلى سماحة الإمام الخميني للمطالعة. وبعد فترة سمعت من ابنه الشهيد الحاج مصطفى أن الإمام طلبه منه وأكد عليه بمطالعة هذا التفسير والاستلهام منه في طريقة التفسير والاستنباطات التفسيرية لكتابه تفسيره. وكان الإمام في طلبه بمطالعة هذا الكتاب والتأييد المطلق له جاداً لدرجة أثار عجب السيد مصطفى لما يعرفه عن الإمام من تعاطيه مع الأشخاص وكتاباتهم بحذر"[١١].

2. حكومت از نظر اسلام (الحكومة من منظار الإسلام): بعد انقلاب 19 أغسطس 1953، عندما ألقت أجواء الصمت والكبت بظلالها مرة أخرى على المجتمع الإيراني، بادر آية الله السيد الطالقاني، الذي كتب معظم آثاره وفقًا لـمتطلبات العصر، إلى تصحيح وطباعة كتابٍ قيمٍ ومنسيٍّ للعلامة النائيني وهو "تنبية الأمة وتنزيه الملة" الذي ألفه خلال الحركة الدستورية. ولقد أعاد السيد الطالقاني هذا الكتاب إلى الحياة بعد أن كان متروكاً لمدة طويلة، وربما كان على وشك النسيان، وفي الحقيقة غدا الكتاب بعد ما قام به السيد الطالقاني معروفاً وحظي بالاهتمام. ولم يتدخل السيد الطالقاني في أصل الكتاب، ولكنه كتب عليه مقدمة وشروحات جيدة جداً. وإن الهدف الأساس من هذا الكتاب كما يقول السيد الطالقاني: "بيان أحوال وشروط الحكم من وجهة نظر الإسلام والشيعة... يعد هذا الكتاب فقهاً استدلالياً لأهل البحث والرأي، ورسالة عملية حول المهام الاجتماعية لعامة الناس". والهدف المتوخى للسيد الطالقاني من إحياء وتقديم هذا الأثر الثمين هو إماطة اللثام عن حقيقة الحكومات الاستبدادية وكذلك حثّ رجال الدين على التدخل في السياسة ومصير المجتمع[١٢].

3. ترجمة وشرح 81 خطبة من كتاب نهج البلاغة: طبع هذا الكتاب عام 1366 هـ، وبعد ذلك وبإذن من السيد الطالقاني، واصل السيد محمد مهدي جعفري ترجمته وتحقيقه، وطبعه في خمسة أجزاء في كتاب بعنوان پَرتُوى از نهج البلاغة (شعاع من نور نهج البلاغة).

4. قام بترجمة وطباعة الجزء الأول من كتاب "الإمام علي بن أبي طالب" للباحث المشهور عبد الفتاح عبد المقصود [المصري] في سنتي 1375-1376 هـ، ولكنه لم يتمكن فيما بعد من ترجمة بقية الكتاب بسبب المسائل السياسية والاجتماعية والسجن والنفي.

وفي عام 1390 هـ اقترح على السيد مهدي جعفري أن يترجم الأجزاء التالية لهذا الكتاب، وذلك لأهميته في التقريب بين المذهبين السنية والشيعية. فقام السيد جعفري بترجمة الجزء الثاني بإشراف السيد الطالقاني، وقد تم نشر الأجزاء اللاحقة التي ترجمها بنفسه في ثمانية أجزاء. وفي الحقيقة فإن السيد الطالقاني مهّد الطريق من خلال هاتين الترجمتين لمعرفة أمير المؤمنين علي (ع) وحكومته.

5. اسلام و مالكيت (الإسلام والملكية): بالإضافة إلى القضايا العقائدية والسياسية والثقافية، أولى السيد الطالقاني اهتمامًا خاصًا بالمسائل الاقتصادية من خلال إثارة قضية الملكية في رابطة الطلاب المسلمين بين أعوام 1369-1371 هـ وتأليف كتاب "الإسلام والملكية". وقام في هذا الكتاب، ضمن دراسة وردّ النظامين الاقتصاديين الرأسمالي والاشتراكي اللذين قسّما العالم في ذلك الوقت إلى قطبين: الاشتراكية والشيوعية، بوضع أسس النظام الاقتصادي الإسلامي مستنداً إلى الأصول الفقهية الإسلامية والقرآنية. وفي الواقع فإن السيد الطالقاني بتأليفه لهذا الكتاب، ولأول مرة في تأريخ الفقه الشيعي، فتح فصلاً في الاقتصاد الإسلامي وحدود الملكية، وفي خضم إعلام الجماعات المناهضة للإسلام، واجه الاشتراكية والرأسمالية في الغرب والشرق[١٣].

6. به سوى خدا مى رويم يا خاطرات سفر حج (ذاهبون إلى الله أو ذكريات رحلة الحج) في سنة 1371 هـ. تمت هذه الرحلة بعد بضعة أشهر من المشاركة في مؤتمر شعوب المسلمين في كراتشي (باكستان)، حيث ذهب أولاً إلى العراق وزار العتبات المقدسة والمراكز الثقافية في ذلك البلد، ومنه إلى سوريا حيث زار المراقد المطهرة في دمشق وأخيراً من بيروت إلى جدة، وكان الإيرانيون آنذاك يعانون من مشاكل كثيرة؛ حيث كانت حكومة الدكتور مصدق الوطنية يومذاك هي الممكسة بزمام الحكم في إيران، والدول هذه متأثرة بالسياسة البريطانية تتعامل مع الإيرانيين بشدة متزايدة. في هذه الرحلة الغنية، يشكو السيد الطالقاني من المسافرين الذين لا يعرفون روح الحج، ولا يبالون بوحدة المسلمين، ولا يعرفون كثيراً عن السياسة العالمية، ولا يكترثون بالمسائل المعنوية، أكثر من المسؤولين في المملكة العربية السعودية. تعكس هذه الرحلة صورة واضحة ومعبرة للغاية عن الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي في الشرق الأوسط (غرب آسيا) آنذاك.

7. تمركز و عدم تمركز مرجعيت و فتوى (مركزية ولامركزية المرجعية والفتوى): بعد وفاة المرجع الكبير آية الله العظمی السيد البروجردي (عام 1380 هـ)، فكر بعض العلماء والمفكرين الدينيين في طهران وقم في عقد ندوة لمناقشة مسألة المرجعية ومركزيتها أو عدم مركزيتها، وكونها شورى أو فردية وأمثال ذلك. لم تعقد هذه الندوة لبعض الأسباب، ولكن قام كلّ واحد من القائمين بكتابة مقالٍ، وتمت طباعة جميع المقالات تحت عنوان بحث حول المرجعية ورجال الدين. يقول حامد ألكار (موسوعة الإسلام ضمن مقال "الإصلاح")، ربما يكون هذا الكتاب الأكثر تأثيرا والأغنی بالمعلومات باللغة الفارسية منذ نشر كتاب تنبيه الأمة. ومن مقالاتها المهمة هي لآية الله السيد الطالقاني، الذي استنتج بعد بحث تأريخي وسياسي وفقهي إلى أنه مع ملاحظة الوضع السياسي والثقافي للعالم، من الأفضل أن تكون المرجعية على شكل شوری وفتوى على أساس خبرات أعضاء الشوری.

8. عدد من الخطابات الدينية والاجتماعية والأخلاقية والفلسفية والتربوية.

9. تبيين الرسالة للقيام بالقسط: ستة خطابا في مسجد الهداية في شهر ذي الحجة عام 1398 هـ وشهر محرم عام 1399 هـ[١٤].

10. خطب صلاة الجمعة وعيد الفطر

11. آینده بشریت و نشانی‌های آینده روشن (مستقبل البشر ومؤشرات المستقبل المشرق)

12. حجاب، شخصیت زن (الحجاب هو رمز شخصية المرأة)

13. بحث حول المرجعية الدينية ورجال الدين

14. آزادى و استبداد (الحرية والاستبداد)

15. گفتار عاشورا (كلمة عاشوراء)

16. ...

تذييل

  1. عزيزي، حشمة الله، ص 19-20
  2. مير أبو القاسمي، السيد محمد حسين، ج 30، ص 536
  3. عزيزي، حشمة الله، ص٢٢
  4. راجع: مير أبو القاسمي، السيد محمد حسين، ج 30، ص 536
  5. عزيزي، حشمة الله، ص22-23
  6. ملايي تواني، علي رضا، ص22-23
  7. نفس المصدر، ص 26-27
  8. جعفري، محمد مهدي، الجزء 30، ص 537-541
  9. راجع عزيزي، حشمة الله، ص 215-220
  10. جعفري، محمد مهدي، ج 30، ص 30). ص 541
  11. عزيزي، حشمة الله، ص37-38
  12. نفس المصدر، ص 36-37
  13. نفس المصدر، ص 35-36
  14. نفس المصدر، ص 34-35

مصادر المقال

1. عزيزي، حشمة الله، زندگی و مبارزات آیت‌الله طالقانی (حياة وجهاد آية الله السيد الطالقاني)، طهران، مركز وثائق الثورة الإسلامية، الطبعة الأولى، صيف 2009.

2. ميرأبوالقاسمي، السيد محمد حسين، " السيد أبو الحسن الطالقاني"، دانشنامه جهان اسلام (دائرة معارف العالم الإسلامي)، الجزء 30، صفحة 535 و536، بإشراف غلام علي حداد عادل، طهران، مؤسسة الموسوعة الإسلامية، الطبعة الأولى، طهران، 2021.

3. جعفري، محمد مهدي، " السيد محمود الطالقاني"، دانشنامه جهان اسلام (دائرة معارف العالم الإسلامي)، الجزء 30، صفحة 537 إلی 541، بإشراف غلام علي حداد عادل، مؤسسة الموسوعة الإسلامية، الطبعة الأولى، طهران، 2021.

4. ملايي تواني، علي رضا، زندگی‌نامه سیاسی آیت‌الله طالقانی (السيرة السياسية لآية الله السيد الطالقاني)، دار ني للنشر، الطبعة الثانية، طهران، 2010.

5. جعفري، محمد مهدي، 1389، آيت الله طالقانى و تفسیر پرتوی از قرآن (شعاع من نور القرآن)، بإشراف أكبر ثقفيان وعلي أوجبي، دار الكتاب، الطبعة الثانية، طهران، 2011.